Admin Admin
عدد المساهمات : 762 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 14/11/2009 العمر : 54
| موضوع: الطفولة المتأخرة الإثنين نوفمبر 14, 2011 7:14 pm | |
| الطفل في هذه المرحلة يتسع عالمه، و يبدأ في اكتساب العديد من المهارات في جميع النواحي المعرفية والحركية والفنية، ويبدأ حياته الاجتماعية، حيث يرتبط بصداقات مع زملائه خارج نطاق الأسرة، ويحاول دائمًا التأكيد علي استقلاله وقدرته علي التكيف مع المجتمع. ويستطيع الطفل في هذه المرحلة أن يستخدم جميع وسائل التعبير التخيُّلي، التي قام بها طفل ماقبل المدرسة، وهي: الإنتاج الفني، والأحلام، والخيال. وخلال تلك المرحلة تنمو المفردات اللغوية بسرعة فائقة لدي الطفل، إذ قد تصل في المتوسط إلي (22) ألف كلمة في نهاية الصف الأول الابتدائي، وتصل إلي حوالي (05) ألف كلمة في نهاية المرحلة الابتدائية. كما أن تفكير الطفل في هذه المرحلة يكون أكثر مرونة ؛ نتيجة نقص تمركزه حول الذات. وفيما يلي بيان بمظاهر النمو الجسمي، والحركي، والفسيولوجي، والانفعالي، واللغوي، والعقلي، والاجتماعي. النمو الجسمي في مرحلة الطفولة المتأخرة: معدل النمو: يثبت النمو الجسمي نسبيًا لأطفال المدرسة الابتدائية من سنة إلي أخري بشكل عام. الطول: يزداد الطول ابتداء من سن الخامسة بمعدل 5 إلي 7 سم، وفي بداية المرحلة يكون طول الولد 111 سم، ويكون طول البنت 110 سم. وحينما يصلان إلي سن 12 سنة يكون متوسط طول الولد 138.5سم، بينما يكون متوسط طول البنت 141،5سم، والسبب في ذلك أن البنات يصلن إلي مرحلة البلوغ قبل الذكور. الوزن: يستمر الوزن في الازدياد، ففي بداية المرحلة يكون الوزن للذكور والإناث 18 كجم، وفي سن 12 سنة يكون 32 كجم للذكور، و34 كجم للإناث، وتكون الزيادة في الوزن بسبب تراكمات الدهون، كما تؤثر العوامل النفسية في الوزن في هذه المرحلة. شكل الجسم: يبدأ الشكل الطبيعي للجسم في نهاية الطفولة المبكرة في التغير، من الاستدارة الطفولية إلي اتخاذ شكل يوحي بملامح الاستعداد للذهاب إلي المدرسة الابتدائية، حيث يبدأ الصدر في الاتساع، وتظهر معالم عضلات الصدر والأطراف، كما يبدأ وضع الأضلاع في التغير من الوضع الأفقي إلي الوضع المائل. المخ: يعتري المخ طفرة في النمو من حيث الحجم والوظيفة معًا، وتحدث هذه الطفرة في نمو المخ بين الخامسة والسابعة، ثم تأخذ عملية النمو في البطء أو تتوقف بالمرة. الفروق الفردية: يلاحظ فروق فردية كبيرة في أطوال الأطفال في هذه المرحلة . الأسنان: تبدأ الأسنان المؤقتة في السقوط، والأسنان الدائمة في الظهور بدءًا من سن السادسة، وفي نهاية هذه المرحلة تكون قد نمت معظم أسنانه الدائمة، ونتيجة لذلك يتغير شكل الفم، ويزداد حجم الجزء الأسفل من الوجه، وتحدث تغيرات في مدي تطابق الأسنان في الفك العلوي والفك السفلي مع ملاحظة ضرورة التطابق حتى يستقيم الوجه. النمو الحركي في مرحلة الطفولة المتأخرة: الفروق الجنسية: يكون الأطفال في بداية سن المدرسة مهيئين لاستخدام العضلات الكبيرة في الجري، وتآزر اليدين والرجلين وتحقيق التوازن، وتتفوق البنات في المهارات الدقيقة، ويتفوق الأولاد في المهارات التي تحتاج إلي عضلات. نمو المهارات: تنمو المهارات اللازمة لتعلم الكتابة والقراءة والرسم والإنشاد، وتعتبر المهارات الاجتماعية التي يتعلمها طفل هذه المرحلة - والتي تتعلق بالأعمال المنزلية، ومساعدة الأم في المنزل - مهمة للطفل، تعطيه إحساسًا بأهمية الذات. تفضيل إحدي اليدين علي الأخري: مع بداية هذه المرحلة تكون إحدي اليدين قد أخذت السيادة والسيطرة في مهاراته الحركية، ويصعب عليه الانتقال من يد إلي أخري. النمو الفسيولوجي في مرحلة الطفولة المتأخرة: النبض وضغط الدم: يتناقص معدل النبض، ويتزايد ضغط الدم. النوم: تقل عدد ساعات النوم بالتدريج. العضلات: تنمو العضلات الكبيرة والصغيرة معًا. الحركة: يزداد التآزر بين العينين واليدين، ويقل التعب، وتزداد السرعة والدقة . نمو الجهاز العصبي: يتم تكوين نخاع الألياف العصبية في المخ والنخاع الشوكي والأنسجة العصبية المرتبطة، كما يتم تنظيم وظائف المخ. والعملية الأولي تساعد علي زيادة كفاءة الخلايا العصبية، وفي العملية الثانية يتم التخصيص العصبي حيث يصبح النصف الكروي الأيسر مسئولا عن المهارات اللغوية، أما النصف الكروي الأيمن فيصبح مسئولا عن المعلومات الإدراكية، وتفسير العلاقات المكانية، وفي الذكور يسيطر النصف الكروي الأيمن، وفي الإناث يسيطر النصف الكروي الأيسر. النمو الانفعالي في مرحلة الطفولة المتأخرة: مظاهر النمو: يتميز النمو الانفعالي في هذه المرحلة بطابع الاستقرار . ضبط انفعالات الطفل: تلجأ البنات عادة إلي البكاء، أما الأولاد فيبتعدون عن ذلك تدريجيًا، وفي كثير من الحالات يعبر الطفل عن انفعالاته بنفس الطريقة التي كان يعبر بها عن انفعالاته في المرحلة السابقة، ولكنه مع ذلك يحاول البعد عن أساليب التعبير الانفعالي التي لا يتقبلها المجتمع، كما يتمثل في الرفاق والأسرة. وتوجد لدي طفل هذه المرحلة دوافع قوية لتعلم التحكم في التعبير عن الانفعالات، إلا أن الطفل رغم ذلك يعبر عن انفعالاته في المنزل بطريقة حادة. ويغلب علي الطفل الانفعالات السارة، ولكنه يعاني أحيانًا من تقلب المزاج، حيث يعاني أحيانًا من القلق والإحباط، ويلاحظ أن المعاناة من الانفعالات غير السارة قد تؤدي إلي سوء التوافق الأسري والمدرسي. وتختلف الانفعالات في هذه المرحلة عنها في المرحلة السابقة من حيث طبيعة الموقف، ومن حيث صور التعبير عن الانفعال، وحتى يحصل علي التقبل الاجتماعي يحاول مسايرة الأنماط الاجتماعية المقبولة للتعبير الانفعالي. وأشهر الانفعالات في هذه المرحلة هي انفعالات: الخوف، والغضب، والغيرة، وحب الاستطلاع، والابتهاج. نمو الشخصية في الطفولة المتأخرة: مفهوم الذات: يصبح مفهوم الذات إيجابيّا إذا تلقي الطفل من الكبار بعض المهام والأعمال التي يستطيع إنجازها، وعلي الكبار أن يقدموا له التوجيه اللازم لتعلُّم الأداء وإتقانه حتى يشعر بالكفاءة والمهارة، كما أن إنجاز هذه المهارات يساعد علي تنمية مفهوم صحيح للذات. الملامح الشخصية: تتكون ملامح شخصية الأبناء سواء كانت في حالة إيجابية أو سلبية، منسحبة أو عدوانية علي أساس الخبرات التي يمرون بها. وأزمة الطفل في هذه المرحلة هي ما يسمي "أزمة الكفاءة والإنجاز"، حيث يود الأطفال الحصول علي التقدير من خلال عمل شيء ما، ومسئولية المعلمين هي تهيئة خبرات النجاح لكل طفل. ويميل الطفل إلي التفكير في نفسه كفرد متميز ليست لديه أفكار واضحة محددة عن قدراته ونواحي قصوره، وكذلك يتبع النمط الذي تقبله الجماعة. وفي نهاية المرحلة يكون الطفل قد وصل إلي مرحلة البحث عن نجم، أو البحث عن بطل يحبه ويقلده. وعمومًا، يكون الولد أكثر عدوانية من البنت، وتصبح الشخصية بعد ذلك أقل مرونة، وأكبر ثباتًا في نمط محدد يسمي: "سمات الشخصية". النمو اللغوي في مرحلة الطفولة المتأخرة: إتقان الكلام: يبدأ طفل هذه المرحلة في إتقان الكلام، ويتعلم أن صور الاتصال البسيطة لم تعد كافية مما يدفعه لتحسين مستواه اللغوي، وبتعلم القراءة يضيف مفردات جديدة. ويصبح أكثر ألفة بنمط الجمل الصحيحة، ويستطيع استخدام اللغة كأداة للتواصل، وعلي الأخص، عندما يريد أن يحدث تأثيرًا في الآخرين. النمو اللغوي: يتوقف النمو اللغوي علي عدة عوامل، منها: المستوي العقلي، والمستوي الثقافي، والاجتماعي، والاقتصادي، والجنسي. ومن الملاحظ أن المحصول اللغوي عند الإناث أكبر منه عند الذكور . ويلاحظ أن فهم الطفل للكلمات يفوق استخدامه لها، ويتعلم الطفل بالإضافة للكلمات الجديدة الكثير من المعاني الجديدة للكلمات القديمة. وتجد أن مفردات الألوان عند البنات أكثر منها عند الذكور؛ بسبب اهتمام البنات بالألوان. ظواهر في لغة طفل الطفولة المتأخرة: وهناك ظاهرة في هذه السن (قبل المراهقة بفترة قصيرة) وهي ظاهرة اللغة السرية بين الأطفال، ويتحدث الأطفال في هذه المرحلة بصوت عال، مع استخدام أشباه الجمل بدلا من الجمل الكاملة، وبطبيعة الحال يعاني الأطفال من ازدواجية اللغة ما بين العامية والفصحى. عيوب الكلام: وقد توجد بعض عيوب الكلام التي تكون قد نشأت في مرحلة النمو السابقة مثل التهتهة، واللجلجة، وإبدال الحروف، والحبسة، وبعضها يرتبط بالتوتر العصبي الذي بدأ مع الحضانة وازداد مع دخول المدرسة الابتدائية. محتوي الكلام: يتركز محتوي الكلام في هذه المرحلة حول الذات في البداية، ثم ينتقل تدريجيّا إلي اللغة الاجتماعية. ويميل أطفال هذه المرحلة إلي انتقاد الآخرين والسخرية منهم بصورة صريحة، أو مستترة - في حالة الكبار-، كما يميل إلي السباب والشتائم مع أقرانه، وتزداد لديهم الأسئلة الاستطلاعية. التلاعب بالألفاظ: يشتهر أطفال هذه المرحلة بحبهم للمزاح والدعابة، ويميل بعضهم إلي المزاح الذي يتضمن تورية أو تلاعبًا بالألفاظ، فمثلا عندما يُسأل الطفل في هذه المرحلة (هل أنت نائم؟) فيقول (لا أنا علي). ومعني ذلك أن الأطفال قد نما لديهم الوعي بأن الكلمة يمكن أن يكون لها أكثر من معني، والقدرة علي الربط والتنسيق بين هذه المعاني . فهم معاني الكلمات: ويستطيع أطفال هذه المرحلة فهم معنيين لكلمة واحدة و الربط بينهما، فمثلا: يمكنهم توظيف كلمة (لامع) كخاصية لشيء أو شخص معين، فيقولون مثلا: (سطح لامع)، أو (شخص لامع). ويرتبط بالنقطة السابقة فهم الأطفال للقواعد اللغوية، والربط بين فكرتين كاملتين في جملة واحدة . النمو العقلي في مرحلة الطفولة المتأخرة: مرحلة العمليات العيانية المحسوسة: يطلق العلماء علي النمو العقلي في هذه المرحلة مرحلة العمليات العيانية المحسوسة، حيث تظهر عمليات الاستدلال والتفكير المنطقي. والعمليات العقلية في هذه المرحلة تتصل تمامًا بأصولها الحسية، كما أنها تكون مرتبة في إطارها الزمني الطبيعي، ولا يوجد بها سوي قدر ضئيل من التجريد. ويتميز تفكير الطفل في هذه المرحلة بخاصيتين هامتين: الخاصية الأولي، وهي منطقية التفكير، بمعني أن الطفل يكون قد تخلص من صفة التفكير الذاتي التي كان يتصف بها في المرحلة السابقة، وأصبح موضوعيًا في تفكيره. والخاصية الثانية هي محدودية التفكير فيما هو عيني أو محسوس مما يقع في خبرة الطفل اليومية المباشرة. التفسيرات التي تطرأ علي النمو العقلي في هذه المرحلة: التغير الجوهري الذي يطرأ علي الطفل في هذه المرحلة، أنه يستطيع التفكير باستخدام المعلومات، فبإمكان الطفل الآن تحويل انتباهه من جانب إدراكي معين إلي جانب إدراكي آخر، وتسمي هذه العملية باسم "اللاتمركز"، وتتطور وتصبح أكثر شيوعًا في الاستخدام مع التقدم في العمر، حتى يصل إلي عمر المراهقة. وهناك تغير جوهري آخر يتمثل في قدرة الطفل علي الانتقال من النقيض إلي النقيض في الفكر، أي قلب الأفكار وتحويل الواقع المادي إلي مجرد فكرة، وبالتالي يصبح بإمكانه الإلمام بجميع جوانب الموقف علي المستوي العقلي. ويظهر ثبات الأعداد في عمر السادسة، ويظهر ثبات الكتلة في سن السابعة، ويظهر ثبات الوزن في سن التاسعة، كما يظهر ثبات الحجم في سن الحادية عشرة، ويلاحظ أن ثبات العدد يسبق ثبات الكم. وهناك مظهر آخر لاختلاف التفكير يتمثل في القدرة علي إدراك التغيرات، وإمكانية تكوين صور ذهنية كلية عن تتابع الأحداث، ويستطيع وصف هذا التتابع في الماضي والحاضر والمستقبل دون إعادتها مرة أخري. وبالتالي يصبح الطفل أكثر قدرة علي الاستفادة من قواعد التحكم في السلوك إذا ما عرف النتائج مسبقًا. القدرة علي التصنيف والتسلسل والوعي بالأشياء: وتظهر لدي الطفل أيضًا القدرة علي التصنيف، أي تحديد الفئة، وتحديد قوائم العناصر الخاصة بالفئات (الرياضيات الحديثة)، فمثلا يمكنهم أن يتعرفوا علي الورود والقرنفل والياسمين كأنواع فرعية ضمن فئة الزهور، كما يمكن أيضًا أن يتعرفوا علي فئة الزهور كنوع فرعي من فئة أعم هي النبات. كما يظهر لديه القدرة علي التسلسل؛ أي وضع الأشياء والأحداث في سياقها الصحيح. وينمو الطفل ويزداد وعيه بالزمان والمكان، وكذلك فهمه للناس والأشياء عن طريق التعليم الرسمي في المدرسة، وعن طريق أساليب الإعلام الأخرى، وكذلك عن طريق الصداقات خارج البيت، فتنمو لديه العديد من المفاهيم، كما تنمو لديه القدرة علي النقد الذاتي وتجنب أخطاء الإدراك والتقدير، ويزداد مفهومه لذاته وضوحًا من خلال انعكاس صورته عند المعلمين والآباء، ومن خلال مقارنته لنفسه بالآخرين، ويتمكن أيضًا من الوعي بالفروق الجنسية والأدوار الجنسية. التفكير ومهارة الطفل: ينمو التفكير من إدراك المحسوسات إلي إدراك المجردات، وطفل المدرسة يكون غير متمركز في تفكيره بدرجة كبيرة. والطفل بين السابعة والحادية عشرة تقريبًا يفهم ويستخدم مبادئ معينة من العلاقات فيما بين الأشياء والأفكار، ويستطيع الجمع، والطرح، والقسمة، والضرب، والترتيب. و تزداد مهارة الطفل في التجميع، وربط الأشياء ببعضها؛ وباتساع عالم الطفل منذ التحاقه بالمدرسة تتزايد ميوله، ومع تنوع الميول يزداد فهمه للناس، ويستفيد في ذلك من جميع وسائل الإعلام. النمو الاجتماعي في مرحلة الطفولة المتأخرة: الاستقلال: تتميز هذه المرحلة بتحقيق مزيد من الاستقلال والاعتماد علي النفس من ناحية، ومزيد من القدرة علي إنشاء علاقات اجتماعية مع أفراد من خارج الأسرة من ناحية أخري. الدعم النفسي والسلوك الاجتماعي البناء: يساعد الدعم النفسي والاجتماعي لكل من الوالدين والمعلمين داخل المدرسة علي تنمية جوانب السلوك الاجتماعي البناء، الذي يتمثل في مزيد من الإيثار وتحمل المسئولية، وكفاءة التفاعل مع المحيطين داخل البيئة الأسرية وخارجها. دور المدرسة في التنشئة الاجتماعية: تعد المدرسة وسيطًا جيدًا للتطبيع الاجتماعي والتنشئة الاجتماعية في هذه المرحلة، حيث يشجع المعلمون عن قصد الكثير من أنواع السلوك الاجتماعي، من خلال الأنشطة المختلفة التي يقوم بها التلميذ في المدرسة، فتنمو العلاقات الاجتماعية ببطء في بداية هذه المرحلة، وبعد ذلك يمل الطفل من الوحدة، ويبحث بنفسه عن إقامة العلاقات الاجتماعية مع الزملاء؛ لأنه يمل أيضا من الكبار. الجماعات وتأثيرها الاجتماعي علي حياة الطفل في هذه المرحلة: ينخرط الطفل في جماعة الأقران، التي تتيح له الفرصة لممارسة أنواع من المهارات الجديدة، وينتقل من عالم الأسرة المألوف الذي كان يعتمد عليه إلي عالم غريب خارج الأسرة، ويتم التحول من الاعتماد علي الكبار إلي مزيد من ممارسة السلوك المسموح به، وبمشاركة الطفل في النشاط الذي تقوم به جماعة الأقران يصبح واحدًا منهم، ويتعلم قيم المجتمع أو المهارات الاجتماعية كاتخاذ وجهة نظر الآخرين، ويكتسب خاصية أخري، وهي البحث عن سمات تكون لها أهمية خاصة بالنسبة له، مثل: الشعبية، والقيادة، كما يساعده الأقران علي التأثر بالجماعة عن طريق التنافس والتعاون. ويصبح السلوك الاجتماعي أكثر نضجًا، فتتناقص حدة العناد والمخالفة، مع ملاحظة أنه في سن العاشرة يبدأ الذكور من جديد في محاولة التمرد علي سلطة الكبار مؤكدين بذلك ذكورتهم، ويحاول الأطفال في هذه المرحلة دائمًا الانتماء إلي جماعة يحصلون منها علي التقبل الاجتماعي، وهذا يفسر لنا زيادة الوقت الذي يقضيه الطفل خارج المنزل . وتتكون (شِلَلُ) الأطفال وهي عادة للعب واللهو البريء، مع ملاحظة أنهم قد يقعون في أخطاء غير مقصودة، ويلاحظ أن جماعات الأطفال ترفض انضمام أطفال جدد إليها. وتساعد الجماعات الطفل علي مسايرة معايير الجماعة والالتزام بها، مع ملاحظة أنه في حالة تعارض معايير الجماعة مع معايير الوالدين؛ فإن الطفل يساير معايير الجماعة. وفي الجماعة يتعلم الطفل التنافس والتعاون وتحمل المسئولية، وكل ذلك تنمية للروح الرياضية، وتدريب علي التطبع الاجتماعي، وذلك لا يحدث إلا داخل الجماعة، أما عن الصداقة في هذه المرحلة فتكون دائمًا بين أفراد نفس الجنس حيث تكون الاتجاهات نحو الجنس الآخر محايدة. وتلعب (شلة) الأطفال في هذه المرحلة دورًا مهمًا، والطفل الذي يحظى باهتمام (الشلة) واحترامها تتميز شخصيته بينهم، وتكون له صفات مميزة تتحدد في الذكاء، والحكمة، والفهم، والثقة بالنفس، والاتزان الانفعالي، والنشاط، وإدراك رغبات الآخرين، والاهتمام بها، ويجب أن يكون جديرًا بثقتهم فيه. وتتجاهل الجماعات (الشلل) الطفل الهادئ المنطوي مهما كان ممتازًا في صفاته، وقد لوحظ في كثير من الدراسات أن الطفل الذي مر بخبرة القيادة في المرحلة السابقة تتوافر له الفرص ليكون قائد جماعة في هذه المرحلة، كما أن الطفل الأكثر شعبية يتوافر فيه عدد من السمات الإيجابية تحقق له درجة كبيرة من التوافق النفسي والاجتماعي. الفروق الجنسية: يغلب علي اتجاهات البنات الطابع الانفعالي، والنضج الجنسي المبكر لهن يجعلهن يشعرن بأنهن أكثر نضجًا من الذكور من الناحية الاجتماعية بالذات. تعلم الأدوار: عند سن السادسة والسابعة يكون الأطفال قد تعلموا معظم المعايير الاجتماعية للسلوك المتعلق بالأدوار المختلفة، كدور الولد في مقابل دور البنت، ودور الوالد في مقابل دور الابن وهكذا. متطلبات النمو في هذه المرحلة: - تعلم المهارات الأساسية: في النواحي المعرفية والحركية والفنية. - التعاون الاجتماعي: التعاون مع الرفاق من نفس الجنس، والتعاون في اللعب (اكتساب روح الفريق). - تقدير الذات: القدرة علي الحكم بنفسه علي إنجازاته . - الالتزام بما يُلقي عليه من مسئوليات، وما يكلف به من واجبات . وللمدرسة دور مهم في هذه المرحلة لا يقل عن دور الأسرة، ويتلخص هذا الدور في: - إيجاد فرص للنجاح أمام كل طفل في المدرسة بناء علي قدراته الذاتية وخصائصه المعرفية . - اتخاذ موقف إيجابي من التحصيل المدرسي سواء من ناحية الوالدين أو من ناحية المدرسة، وذلك عن طريق التشجيع والمتابعة والإيحاء . - مساعدة الأطفال علي تنمية الضمير الخلقي لديهم . - وضع حدود واضحة لسلوك الأطفال . - تنمية الشعور بالتقدير عن طريق الدفء العاطفي مع الحزم . * الترويح (اللعب) في هذه المرحلة: اعترف الإسلام بكل ما تتطلبه الفطرة البشرية من سرور وفرح، ولعب، ومرح، وتدليل شَرَعه الله، وفي نطاق أدب الإسلام. وهناك شروط لابد أن تضعها الأم في اعتبارها عند اختيار وسائل الترويح، وهي: (1) أن يكون النشاط جائزًا شرعًا، وأن يترتب عليه فائدة محققة للطفل في بدنه ودينه. (2) أن لا تشغل ممارسته عن واجب شرعي أو اجتماعي ؛ حتى يحقق الهدف المراد من غير حرج. (3) أن لا يترتب عليه مضرة - صغرت أم كبرت - بالصغير، أو بمن يلعب معهم أو بغيرهم. (4) أن يتناسب اللعب مع إمكانات الصغير العقلية والبدنية، ومع نوعه ذكرًا أو أنثي. ولما كان الترويح من الأمور اللازمة للمسلم ؛ فإن لزومه للولد وهو صغير من باب أولي، وذلك لأمرين مهمين: الأول: أن قابلية الولد للتعلم وهو صغير أكثر من قابليته وهو كبير. الثاني: أن حاجة الولد إلي اللعب والترويح وهو صغير أكثر من حاجته إليه وهو كبير. وفي القرآن دلالة علي أهمية اللعب في حياة الأطفال، فقد جاء في قصة يوسف، قوله تعالي: {قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا علي يوسف وإنا له لناصحون. أرسله معنا غدًا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون} [يوسف: 11 - 12]. ومن الوسائل التي شرعها الإسلام في الترويح عن النفس: سباق الخيل: روي عن رسول الله ( أنه قال: (كل ما يلهو به الرجل المسلم باطل إلا رميه بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، فإنهن من الحق)[الترمذي]. ويقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-: علموا أولادكم السباحة، والرماية، ومروهم فليثبوا علي ظهور الخيل وثبًا. [البيهقي]. السباق والجري: والطفل في هذه المرحلة يتميز بالطاقة والحيوية والنشاط، والقدرة علي الحركة المستمرة. والجري يعتبر من وسائل الترويح المباحة، والتي تلعب دورًا كبيرًا في التربية الجسمية، وقد حث عليه رسول الله ( فقد ورد أن رسول الله ( كان يَصُفُّ عبد الله وعبيد الله وكثيرًا من بني العباس - رضي الله عنهم - ثم يقول: (من سبق إلي فله كذا وكذا) فيستبقون إليه، فيقعون علي ظهره وصدره فيقبلهم ويلتزمهم. وعن جابر - رضي الله عنه - قال: دخلت علي النبي ( فدعينا إلي طعام، فإذا الحسين - رضي الله عنه - يلعب في الطريق مع صبيان، فأسرع النبي ( أمام القوم، ثم بسط يده فجعل يفر هنا وها هنا، فيضاحكه رسول الله ( حتى أخذه فجعل إحدي يديه في ذقنه والأخرى بين رأسه وأذنيه، ثم اعتنقه وقبله، ثم قال: (حسين مني وأنا منه، أحب الله من أحبه، الحسن والحسين سبطان من الأسباط) [الطبراني]. وتروي كتب السيرة أن الصحابي الجليل سلمة بن الأكوع كان يسبق الفرس عَدْوًا، فعند عودة رسول الله ( من غزوة خيبر حيث أذل الله اليهود وهزمهم ولما اقترب من المدينة، أخذ أحد الصحابة ينادي في إخوانه من يسابق إلي المدينة. فلم يجبه أحد، ثم خرج إليه سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- وطلب من الرجل أن يبدأ الجري، وظل سلمة في مكانه إلي أن قطع الصحابي شوطًا طويلا، ثم بدأ سلمة يجري خلفه، فلم يلبث أن لحق به، فلما كان بمحاذاته ضربه ضربة خفيفة علي ظهره، ودخل المدينة قبله. الرماية: وهي من الألعاب المباحة التي حث عليها الإسلام. والتدريب علي الرماية منذ الصغر أصبح ميسورًا، خصوصًا في وقتنا الحالي الذي كثر فيه إنتاج لعب الأطفال بطريقة جذابة مغرية. ودور الأم هنا هو أن تخصص وقتًا لاختيار اللعب التي تتناسب مع سن طفلها، خصوصًا ما كان متعلقًا بأمور الرماية والتصويب. السباحة: يقول الخليفة العادل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: علموا أولادكم السباحة والرماية، ومروهم فليثبوا علي ظهور الخيل وثبًا. [البيهقي]. الصيد: هو من وسائل اللعب والترويح المباحة التي أقرها الإسلام سواء كان صيدًا بريًّا أم بحريًّا لقوله تعالي: {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعًا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرمًا} [المائدة: 96]. علي أن يوجَّه الصغير أن لا يصيد إلا ما فيه فائدة، وأن لا يقصد بالصيد تعذيب ما يصيده. وهناك من منتجات شركات الألعاب الشيء الذي يعود ويُدرِّب الطفل علي الصيد بما يتناسب مع سنّه، إذ هي تتدرج مع الأطفال من سن الثانية وما فوقه. ومن الواضح أن النظام التعليمي الحديث بدأ يحرم الكثير من الأطفال فرصة اللعب بسبب الواجبات التعليمية الكثيرة التي يكَّلفون بها، ومن ناحية أخري نجد أن الكثير من الآباء والأمهات يعتبرون اللعب في هذه المرحلة مضيعة للوقت. ولكن الدراسات العلمية تؤكد أنَّ للعب وظائف مهمة بالنسبة للطفل؛ لأنه وسيلة للتعبير عن الانفعالات وتصريف الطاقة الزائدة في أنشطة مقبولة، كما أن اللعب يسمح بالتدريب علي المهارات والأنشطة والعلاقات الاجتماعية، وبلورة سمات الشخصية ومفهوم الذات، وبالإضافة إلي ذلك فإن اللعب يتيح للأطفال فرصة اختبار قدراتهم عند التفاعل مع البيئة. ويمر تطور اللعب بالمراحل التالية: 1- الأنشطة البسيطة، وهي أنشطة حسية حركية ذات نمط متكرر. 2- اللعب الإنشائي، ويغلب عليه توظيف أدوات اللعب في أنشطة جديدة قد تكون ابتكارية. 3- اللعب الرمزي أو الدرامي، مثل توظيف اللغة في الأداء التمثيلي ولعب الأدوار. 4- اللعب ذو القواعد والقوانين، مثل: الألعاب التي يوجد فيها تحكيم. ويغلب علي الأطفال في هذه المرحلة اللعب الاستكشافي، الذي يتمثل في الفك والتركيب باستخدام العدد والآلات، وفي نهاية المرحلة يتركز نشاط الطفل علي المهارات والتفوق، وليس مجرد الحصول علي المتعة والسرور، ويمارس الطفل في هذه المرحلة الكثير من المهارات عندما يكون بمفرده، مثل: القراءة، والاستماع إلي الراديو، أو اللعب بالكمبيوتر، أو مشاهدة التليفزيون، والبعض يقضي الكثير من الوقت في أحلام اليقظة. ويفضل أطفال العاشرة قصص الحيوانات، وإن كان عدد البنات اللاتي يفضلن قصص الحيوان أقل من الذكور، وهي مؤشر علي النضج النفسي للأطفال. مطالب النمو في هذه المرحلة: لهذه المرحلة العديد من المطالب التي يجب أن يسيطر عليها الطفل، إذا كان له أن يتوافق مع بيئته ومع أقرانه توافقًا جيدًا، وأن يستطيع مسايرة المجتمع تبعًا لما هو مُتوقَّع منه، ويمكن تلخيص مطالب النمو في هذه المرحلة فيما يأتي: - تعلم المهارات الحركية الضرورية للألعاب الشائعة في هذه المرحلة. - تعلم كيفية العمل الجيد مع مجموعة الأقران، والتوافق مع الزملاء من نفس العمر. - أن يصبح فردًا مستقلا. - تكوين المهارات الأساسية للقراءة والكتابة والحساب. - تكوين المفاهيم الضرورية للحياة اليومية. - تكوين الضمير والخلق، وتكوين الاتجاهات المناسبة نحو الجماعات والمؤسسات الاجتماعية
منقول | |
|