حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة
عن مقال لمنيرة بنت هندي
أولاً: الحق في الكشف المبكر والاستشارة الطبية:
إن من حق العاجز الكشف المبكر عن نوع عجزه حتى يتقبل وجود هذا العجز ويحاول التغلب عليه وتنمية قدراته الأخرى.
فنحن بواسطة الكشف المبكر ربما نستطيع تخفيف العجز الذي لديه ونشخص الاعتلال في وقت مبكر، وعلى ا لطبيب ألا يخلق العراقيل ا لتي تحول دون استمرار حياة هذا الطفل، فهو قبل أن يكون طفلاً ذا عجز هو إنسان من حقه أن يتلقى جميع الوسائل التي تساعده على الاستمرار في الحياة، لهذا فإن حقه في الحياة يجب أن يبدأ من قبل أن يولد.
وعندما يكتشف الأطباء أن هذا الطفل سوف يكون ذا عجز قبل أو بعد أن يولد فعليهم أ ن يكثفوا جهودهم الطبية والنفسية سواء على الأم أو الأب أو الطفل نفسه. وإننا سواء كنا أصحاء أو ذوي عجز فدائماً يرجع تقرير مصيرنا إلى الأهل ومهمة الأهل تكون كبيرة تجاه أي طفل وليس إلى ذوي العجز فقط.
ثانياً: الحق في التعليم والتدريب:
إن التعليم هو حق من حقوق أي إنسان يجب أن يناله سواء كان هذا الإنسان ذا عجز أو غيره فبالتعليم نرفع من مستوى أنفسنا ونشارك في عجلة التقدم، وذو العجز أحق من ينال حق التعليم ويصل إلى أعلى المستويات لأنه ربما كان الآخرون يستطيعون أن يقوموا بالكثير من الأعمال، لهذا فالتعليم حق من أهم حقوق ذي العجز وبه يستطيع أن يعمل ويكفل حياته الاجتماعية.
ورغم أن كل إنسان من حقه أن يأخذ فرصته في المجال التعليمي إلا أننا نرى الواقع يناقض هذا حتى وإن كان هذا الواقع يفتح المجال لذوي العجز أن ينالوا حق التعليم إلا أنه يعود فيفرض عليهم بعض الخصوصيات في هذا المجال، فكثيراً ما نجحد ذوي العجز ولا ينالون حقوق التعليم. وإن فتح لهم المجال فإننا نجد المجتمع يضعهم في مدارس خاصة بهم يعزلهم عنه، فالمكفوفون مثلاً نراهم يتعلمون في مداس خاصة بهم يعلمونهم القراءة والكتابة وبعض الحرف البسيطة فقط. ولكن لا يأخذون برأيهم حول المواد التي يودون تعلمها، وما هو التدريب الذي يناسبهم ويناسب ميولهم فنجدهم بعد تخرجهم قلقين لا يعرفون من أمور المجتمع شيئاً حتى أن الدول العربية تضع ذوي العجز في مدارس خاصة يطلقون عليها أسماء نوع العجز الذي لديهم كمعهد الشلل أو معهد المتخلفين عقلياً، وهم بهذا العزل يجعلون طلبتهم يعانون من إعاقات نفسية أيضاً.
إن وجود هذا الشخص لا يثير الشفقة بقدر ما يعلم الإنسان عظمة القادر عز وجل من اختلاف الأفراد ويجعل هؤلاء الطلبة يتعلمون فلسفة الاندماج باندماج الأفراد على اختلاف أشكالهم، وإننا لا نستطيع أن نتعلم من هؤلاء الأشخاص ذوي العجز ما لا تستطيع أن تعلمنا إياه المدارس، فعن طريق هؤلاء يمكننا تعلم الصبر والمثابرة وحب الحياة والعزيمة والإصرار، لأن الشخص ذا العجز لم يصل ليكون بيننا في هذا المحراب إلا لكونه محباً للحياة رغم صعوباتها وإصراره على إثبات ذاته لولا ذلك لما استطاع أن يصل إلينا.
كلنا نعلم أن ليس باستطاعة أي فرد الحكم على الآخرين ما لم نفتح لهم مجال التجربة ومنها يمكننا أن نحكم على قدراتهم ونحن ليس في استطاعتنا الشك في قدرات الأشخاص ذوي العجز ما لم نفتح لهم باب التجربة وقد شاهدنا بعض الأشخاص ذوي العجز من خلال المؤتمرات التي حضروها وقد وصلوا إلى أعلى الدرجات والأمثلة على ذلك كثيرة وعديدة، إذن لندع أصحاب المشكلة يخوضون التجربة بأنفسهم ولا نعزلهم في مدارس خاصة بهم وكما جاء في ميثاق التأهيل الدولي للثمانينات.
يجب أن يتمتع الأطفال المعوقون بحق الحصول على الفرص التعليمية المتاحة لجميع الأطفال الآخرين في وطنهم ومجتمعهم، وحيثما أمكن ذلك، يجب أن يلقى الأطفال المعوقون تعليمهم داخل أجهزة التعليم العادية وهذا الأمر قد يستوجب بالنسبة إلى بعض الأطفال المعوقين إجراء تعديل ملموس في البرنامج التعليمي وإنشاء بعض الخدمات المساندة الضرورية، فالمجتمع مسؤول عن التحقق من أن أجهزته التعليمية تتيح التعليم الشامل للأطفال المعوقين مثل غيرهم من الأطفال الآخرين.
إن المجتمع عندما يقصر التدريب على بعض المجالات الروتينية لذوي العجز فإن ذلك يرجع إلى انعدام ثقته في قدراتهم ومهاراتهم العملية، رغم محاولاته إقناع الآخرين بأن المجال مفتوح أمام هؤلاء الأشخاص للتدريب.
والأسباب التي تدفع المجتمع لإتخاذ مثل هذا الموقف ترجع إلى خوفه من أن يصاب ذوو العجز بحوادث أثناء التدريب على مهارات معينة بالإضافة على أن تدريبهم على هذه المهارات سيؤدي بالتالي إلى مطالبتهم بالعمل في مجالات مختلفة، بينما هو يرفض دمجهم بحجة أن ذلك يؤدي إلى إثارة الشفقة في النفوس.
إن كثيراً من ذوي العجز في العالم أثبتوا قدراتهم في كثير من المهارات عندما تم تدريبهم عليها فشاهدنا من ذوي العجز مهندسين وميكانيكيين وكهربائيين يقومون بتأدية أعمالهم كما يؤديها الشخص السوي.
إذن يجب إتاحة خدمات التأهيل المهني بما فيها التوجيه إلى ذوي العجز بغض النظر عن إعاقتهم وسنهم أو جنسهم شرط أن يكون لديهم الاستعداد للتأهيل والتدريب.
ثالثاً: الحق في العمل والاكتفاء الاقتصادي:
إن العمل واجب مقدس يكفل للإنسان الناحية الاقتصادية ولا يجعله يعتمد على غيره بل أنه يجعله يثق بنفسه ويصقل مواهبه حينما يمارس العمل الذي يناسبه. فذووا العجز لهم الحق في أن يعملوا حسب قدراتهم حتى يكفلوا لحياتهم المستوى المادي والاجتماعي.
لكن الواقع غير ذلك لأننا نجد ذوي العجز يبقون في المنازل يحرمون من إتاحة الفرصة لهم للمشاركة في المجال العملي وإن شاركوا في ذلك يبقى الشك مسيطراً على قدراتهم وهم يمارسون المجالات المناسبة لهم بل أنهم يوضعون في أماكن لا تناسبهم ولا تناسب ميولهم في محاولة من المجتمع بإقناع الآخرين بأن ذوي العجز يعملون.
لماذا يخاف المجتمع من عمل الأشخاص ذوي العجز؟ هل لأنه لديه عجز في أطرافه؟ أو لأنه عندما يفتح له باب العمل ربما يثير الشفقة في نفوس الآخرين الذين معه، أو أن أصحاب العمل يفضلون أشخاصاً أسوياء لأن الإنتاج برأيهم في تلك الحالة سيكون أكثر وأسرع؟ وهناك من يقول دع المعوق يرتاح في المسكن والدولة وأهله يوفرون له الأكل والشرب.
فهل لدى المجتمع شك في قدرات المعوق العملية؟
إن وجود ذوي العجز بيننا لا يثير الشفقة بل العكس فإن وجودهم معنا يعلما الصبر والكفاح والأمل، فالإنسان الذي لديه عجز سوف يعلمنا الإصرار على حب الحياة ولقد أثبتت التجارب في العالم أن الشخص الذي لديه عجز يكون أكثر إنتاجاً وأن أكبر المصانع في العالم يكون العاملون فيها أشخاصاً ذوي عجز في أطرافهم وتكون هي المصانع الأكثر جودة لأن هؤلاء الأشخاص يعملون بجد واجتهاد من أجل تغيير نظرة الرأي العام تجاههم.
لهذا يجب أن نفتح أبواب العمل إلى هؤلاء الأشخاص ليمارسوه حسب قدراتهم بعد تدريبهم وأننا بعملنا هذا يمكننا اكتساب أيدي عاملة قادرة على العطاء.
فكل إنسان لديه القدرات الخاصة به وهو خبير نفسه لهذا يجب أن لا نشك في قدرات أي إنسان ما لم نتح له باب التجربة ومن بعدها نصدر الحكم.
رابعاً: الحق في التنقل والسفر والترفيه:بالرغم من أن التنقل والسفر حق من حقوق ذوي العجز إلا أننا نجد المجتمع يقف متناسياً أن هذا الحق من أهم حقوقهم فنحرمهم حق التنقل سواء داخل البلاد أو خارجها، وفي كثير من الأحيان نسمع أناساً يرددون كلمات تؤثر على الكثير من النفوس الضعيفة، فلماذا يتحملون مشقة التنقل بدلاً من أن يجلسوا في البيت، حتى إذا سافر أحد من ذوي العجز نجد الكثير ينظر إليه نظرة تساؤل لماذ هذا الشخص يسافر مع أن الكثير من الأصحاء لم يفسح المجال أمامهم للتنقل أو مغادرة منازلهم، وأيضاً ذوو العجز لا نسمح لهم بترك غرفهم أو التنقل في المنازل وذلك خوفاً عليهم من صعوبة التنقل والحواجز الطبيعية والنفسية، حتى التنقل لذوي العجز أثناء العمل والدراسة نجد الكثير من المصاعب والحواجز النفسية والطبيعية.
إن وجود ذي العجز بيننا لا يثير الشفقة بل على العكس يعلمنا الاعتماد على النفس، والأجدر بنا أن نحترم رأيه وننظر له بفخر وأن لا نخلق له الإعاقة النفسية من شفقة وعطف فهي التي تخلق منه إنساناً ذا عجز ويجب على المجتمع أن يسانده في قضيته ويوفر له التجهيزات والمنحدرات التي تقضي على عجزه، وأننا لو نظرنا إلى ما يكلف هذا الشخص الدولة من الناحية الاقتصادية في هذا المجال سوف نعرف أنه لن تكون هناك خسارة اقتصادية إنما يكون كسباً بشرياً فإن هؤلاء الأشخاص ذوي العجز عندما يتنقلون ويمارسون الحياة الطبيعية اليومية سوف يكونون أشخاصاً منتجين لأنهم كما قلنا ربما يتمتعون بعقول تفوق عقول الآخرين وأننا يجب أن نكثف جهودنا ونمحي ناحية الجهل في نفوس بعض أفراد المجتمع عندما يشكون بقدرات الشخص ذي العجز أو يؤثرون له المنزل حتى يحمونه كما يقولون من مشقة الحياة، إن هذه ليست هي الطريقة الصحيحة التي يقدمون خدماتهم بها لذوي العجز.
ومن بين الأسباب الهامة التي تدعوا إلى إلغاء جميع الحواجز البيئية الحيلولة دون عزل ذوي العجز عن بقية المجتمع.
يمكن إعداد تصاميم قياسية للمباني ومرافق الإسكان البيئية ووسائل المواصلات التي يسهل للأشخاص ذوي العجز دخولها دون الحاجة إلى إجراء تعديلات معقدة غالية التكاليف فيها ويمكن تنفيذ ميزات التصاميم هذه متى تمت مراعاتها في التخطيط في البداية بتكاليف ضئيلة أو بدون تكاليف.
كل فرد في المجتمع له العديد من الهوايات سواء كانت رياضية أو ترفيهية يختار ما يناسبه منها.
ونحن ذوي العجز لنا نفس الهوايات ونحب أن نشارك فيها وأن يؤخذ برأينا فيما نختار لأننا أفراد في المجتمع.
إذن علينا أن نفتح لهم المجال ليمارسوا هواياتهم على اختلافها ونسألهم عن الهوايات التي يحبون ممارستها لأنهم كما قلنا خبراء أنفسهم وعلينا أن ندمجهم معنا في جميع المجالات.
خامساً: الحق في الزواج والإنجاب:
كل إنسان من حقه أن يستقر وتكون له حياة زوجية يحيا مع إنسان يختاره هو ويكون له أولاد ويعيش في بيت وهو يؤسسه مع شريكته وتكون له علاقات أسرية مع المجتمع، وهذا طبعاً من أهم حقوق الإنسان، والشخص ذو العجز إنسان من حقه أن يمارس جميع الحقوق التي يمارسها الآخرون، ولكن الواقع غير ذلك حيث إننا نجد المجتمع يقف من ذي العجز مواقف تناقض حقه في الزواج والاستقرار، لأن المجتمع ينظر إلى ذي العجز على أنه إنسان لا يستحق أن يخوض هذه التجربة، وفي كثير من الاحيان نشاهد بعض الأسر تقف من أبنائها ذوي العجز موقف العداء لكونهم يريدون ممارسة هذا الحق
لما يتردد المجتمع في تقبل فكرة زواج ذوي العجز؟ هل لأنه يفكر بأن زواج هؤلاء ينتج عنه أطفال ذوو عجز؟ أو أنه يخاف عليهم من الصدمة العاطفية ومن مشاكل الحياة الزوجية.
إن المجتمع يخاف من عدم قدرة ذوي العجز على تربية أبنائهم كما أن هناك تخوفاً من زواج المتخلفين عقلياً خشية أن ينتج عن ذلك جيل متخلف آخر.
وإذا سمحنا لذوي العجز بالزواج فنحن بهذا نمنعهم من الانحراف، فهم أناس لهم مشاعر وأحساسيس وغرائز جنسية، فالجدير بنا أن لا نقف في وجههم ونعارضهم في الزواج بل نفتح لهم باب التجربة مع تقديم الإرشادات إن احتاجوا إليها.
سادساً: الحق في المشاركة في سياسة الدولة الاجتماعية والحق في الاختيار واتخاذ القرارات:
لكل انسان حق المشاركة في جميع مجالات الدولة وفي سياساتها الاجتماعية وله حق الاختيار وتقرير المصير، وذو العجز له نفس الحقوق من المشاركة في جميع المجالات وله حق الاختيار وتقرير المصير وذلك لأنه ليس هناك مجتمع يسير سيره الطبيعي وجزء منه ليس له رأي، إذن من مصلحة المجتمع أن نشارك فيه بآرائنا وأفكارنا ولكن الواقع غير ذلك إذ أننا نجد ذا العجز ليس له حق تقرير مصيره بل الآخرون هم الذي يقررون وحتى الاختيار له ليس له حق به، بحيث إن جميع البرامج والأنشطة التي يقدمها المجتمع ليست باختيارهم، حتى القرارات تكون عن طريق أناس آخرين لا عن طريق أصحاب المشكلة.
ولكن نحن نريد مشاركة فعلية ونريد أن نشعر بأن لنا حق الاختيار وتقرير مصيرنا.
فلماذا لا يفتح المجتمع المجال لذوي العجز للمشاركة في سياسة الدولة الاجتماعية وتقرير المصير وحق الاختيار؟ هل لأنه يشك في قدراته في تقرير مصيره؟ أو لأنه ينظر دائماً بأنه إنسان متخلف لا يستطيع أن يختار أو أن يقرر مصيره وذلك لارتباط العجز مع التخلف في نظرة المجتمع.
ولكننا رغم أننا ذوو عجز لكن الكثير منا يتمتع بعقول يمكنها أن تشارك في الآراء وتتخذ القرارات التي يحتاج إليها، وليس شرطاً أن يكون ذو العجز إنساناً متخلفاً بل أثبتت التجارب أن الكثير منا أثبت جدارته العلمية